• عدد المراجعات :
  • 1313
  • 5/31/2010
  • تاريخ :

الفكر الأصيل- الحكومة الإسلامية في ظل ولاية الفقيه (4)

الورد

هذه الهجمات قد وجهت الى وجود الحكومة الإسلامية العيني. إلا أن مهاجمتها في وجودها الفكري لا يقل عن ذلك عنفاً، ويتمثل هذا في تحريف مفهوم الحكم الإسلامي. وهو ليس بالأمر الجديد، فقد كان على امتداد التاريخ. فباسم الحكم الإسلامي وإمامة المسلمين، في عهد السلاطين العباسيين والأمويين، حدثت أمور ضد "أئمة العدل" كما يصفهم الشاعر الإسلامي المجاهد "الكميت الأسدي" في إحدى قصائده التي يقول فيها ساسة لا كمَن يرى رعيةالــنــاس سواء ورعية الأنعــام .

من هذا يبدو أن الذين كانوا على رأس الحكم يومذاك، والذين يعرّض بهم الكميت، كانوا لا يميزون بين رعي الناس ورعي الأنعام، ومنذ ذلك اليوم أناس ارتكبوا مثل تلك الأعمال باسم حكم الإسلام والحكومة الإسلامية، واليوم ما يزال هذا التحريف في مفهوم حكم الإسلام باقياً في الأذهان بشكل أو بآخر.

لقد أثار عالم اليوم الكثير من اللغط حول تحريف مفهوم الحكومة الإسلامية. فمرة يشبّهونها بالحكم الكنسي في الفترة المظلمة من تاريخ أوروبا، ومرة يقولون إنها حكم رجعي ومتخلف لا يؤمن بالتطور ومرة ثالثة أنها ضد العلم، ورابعة أنها ضد المدنية، أو يسمونها بأنها تعارض حقوق المرأة التي تؤلف نصف سكان المعمورة، لو أنهم استطاعوا بكلمة واحدة أن يدخلوا في الأذهان أن النظام الإسلامي يعارض منح المرأة حقوقها، لتمكنوا من إثارة نصف سكان العالم ضد هذا النظام، وإذا ما صدّقت النسوة بهذا فمن البديهي أنهن لن يقفن الى جانبه.

كثيرة تلك الأساليب التي مارسوها والتهم التي ألصقوها بالنظام الإسلامي والحكومة الإسلامية لتحريف حقيقة الإسلام، ولهذا كان لا بد من القيام بعمل جاد في هذا السبيل. إن الآيات القرآنية كثيرة بهذا الشأن، وكذلك المصادر الإسلامية أيضاً، فعلى المفكرين الإسلاميين والعلماء المسلمين أن يشمّروا عن ساعد العمل، فلو أنهم تناولوا هذه المسألة وحدها بالشرح والتوضيح، لكان له أثر كبير في تهيئة عقول الأمم والشعوب لمعرفة الحق. وهذا ما حدث فعلاً في بلدنا، فخلال الخمس عشرة سنة من نضالنا الثقافي والسياسي كانت أشد ضربة أنزلناها بالتصورات التي أشاعها النظام الشاهنشاهي السابق هي بحث الحكومة الإسلامية وشرحها، سواء في الدروس التي كان يلقيها إمام الأمة في النجف الأشرف، أم في البحوث التي دارت حول هذه المسألة كمقدمة لها، فكانت هذه تدخل في أعماق مجتمعنا، يتناولونها بالدرس والفهم والإستيعاب. إن البحث في هذه القضية مهم وينبغي أن لا نستصغر شأنه. إننا في هذا النظام الجمهوري أقمنا الحكومة الإسلامية، وإن لم ندَّعِ أنها أقيمت بصورتها المتكاملة، ولكننا ندّعي بأننا نتخذالإحتياطات التامة للتقيد بتطبيق أحكام القرآن، وإننا ندرك أن الحركة نحو تكميل هذا النظام حركة تدريجية، وإننا سائرون على الدرب نحوه، إذ أن هناك الكثير من المسائل لم نحلها بعد.

إن أول مسألة برزت أمامنا في باب الحكومة في نظام جمهوري إسلامي، وارتسمت في أذهاننا جميعاً باعتبارها شعاراً إسلامياً وعَلَماً من أعلام الحكم الإسلامي، هي القول بأن الإنسان قد ولد بطبيعته حراً، وليس هناك تحت الشمس إنسان يحق له أن يحكم إنساناً آخر. وكان هذا في نظرنا جزءاً منالبديهيات والمسلّمات الإسلامية. والأمر كذلك أيضاً في النصوص الإسلامية، فقد جاء في الآية الكريمة «وتلك نعمةٌ تمنّها عليّ أن عبَّدت بني إسرائيل» (الشعراء، 22)، وكذلك ورد عن أمير المؤمنين علي (ع) قوله "لا تكن عبدَ غيرك وقد جعلك الله حراً".

وهذا هو مضمون آيات قرآنية متوافرة ومتواترة. وفي هذه الآية التي ترد على لسان موسى (ع) مخاطباً فرعون، القصد من تعبيد بني إسرائيل هو التسلط عليهم وحكمهم واضطهادهم دون اهتمام بمشاعرهم. إن الإسلام يمنع كل أنواع التسلط المعنوي والمادي على الناس، ما دامت هذه السلطة غير منتهية الى الله. يقول الله سبحانه «إتخذوا أحبارهمورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أُمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون» (التوبة، 31).

آية الله العظمى السيد علي الخامنئي


الفكر الأصيل - الحكومة الإسلامية في ظل ولاية الفقيه (3)

الفكر الأصيل- الحكومة الإسلامية في ظل ولاية الفقيه (2)

الفكر الأصيل- الحكومة الإسلامية في ظل ولاية الفقيه (1)

الفكر الأصيل - حقوق الإنسان في الإسلام (1) 

 

 

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)