اجابات الامام الهادي ( عليه السلام ) العلمية - إرادة الله
الفتح بن يزيد الجرجاني ، أنّه ( عليه السلام ) قال :
( إنّ لله إرادتين ومشيئتين : إرادة حتمٍ ، وإرادة عَزم .
ينهى وهو يشاء ،.. ويأمر وهو لا يشاء .
أوَ ما رأيت أنّه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة ، وشاء ذلك..
ولو لم يشأ لم يأكلا ، ولو أكلا لغَلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالى .
وأمرَ إبراهيم أن يذبح إسماعيل وشاء أن لا يذبحه ، ولو لم يشأ أن لا يذبحه ، لغَلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله تعالى ) (1) .
وقد علّق السيد الطباطبائي على هذا الكلام بما يلي :
( المشيئة والإرادة انقسام إلى الإرادة التكوينيّة الحقيقيّة ، والإرادة التشريعيّة الاعتباريّة ، فإنّ إرادة الإنسان التي تتعلّق بفعل نفسه نسبة حقيقيّة تكوينيّة تۆثّر في الأعضاء الانبعاث إلى الفعل ، ويستحيل معها تخلّفها عن المطاوعة إلاّ لمانع .
وأمّا الإرادة التي تتعلّق منّا بفعل الغير ، كما إذا أُمِرنا بشيءٍ أو نُهينا عن شيءٍ ، فإنّها إرادة بحسب الوضع والاعتبار لا تتعلّق بفعل الغير تكوينيّاً .
فإنّ إرادة كلّ شخصٍ إمّا تتعلّق بفعل نفسه من طريق الأعضاء والعضلات ، ومن هنا كانت إرادة الفعل أو التّرك من الغير لا تۆثّر في الفعل بالإيجاد والإعدام ، بل تتوقّف على الإرادة التكوينيّة من الغير بفعل نفسه حتى يوجد أو يترك عن اختيار فاعله ، لا عن اختيار آمره وناهيه .
إذا عرفتَ ذلك ، عَلمتَ أنّ الإرادتين يمكن أن تختلفا من غير ملازمة ، كما أنّ المعتاد بفعلٍ قبيح ربّما ينهى نفسه عن الفعل بالتلقين ، وهو يفعل من جهة إلزام مَلَكته الرذيلة الراسخة ، فهو يشاء الفعل بإرادة تكوينيّةٍ ، ولا يشاۆه بإرادة تشريعيّة ، ولا يقع إلاّ ما تعلّقت به الإرادة التكوينيّة ،.. والإرادة التكوينيّة هي التي يسمّيها ( عليه السلام ) بإرادة حَتم ، والتشريعيّة هي التي يسمّيها بإرادة عزم .
وإرادته تعالى التكوينيّة تتعلّق بالشيء من حيث هو موجود ، ولا موجود إلاّ وله نسبة الإيجاد إليه تعالى بوجوده بنحو يليق بساحة قدسه تعالى ، وإرادته التشريعيّة تتعلّق بالفعل من حيث إنّه حسن وصالح غير القبيح الفاسد ، فإذا تحقّق فعل موجودٍ قبيحٍ ، كان منسوباً إليه تعالى من حيث الإرادة التكوينيّة بوجهٍ ، ولو لم يرده لم يوجد ، ولم يكن منسوباً إليه تعالى من حيث الإرادة التشريعيّة ، فإنّ الله لا يأمر بالفحشاء .
فقوله ( عليه السلام ) : ( إنّ الله نهى آدم ( عليه السلام ) عن الأكل ، وشاء ذلك ، وأمرَ إبراهيم ( عليه السلام ) بالذّبح ولم يشأه ) ، أرادَ بالأمر والنّهي التشريعيّين منهما ، وبالمشيئة وعَدمها التكوينيّين منهما .
اعداد وتقديم:سيد مرتضى محمدي
القسم العربي - تبيان
المصدر:
(1) الكافي : م1 ص 151 .
منهج الإمام الهادي ( عليه السلام )
محاورات الإمام الهادي ( عليه السلام )
هجره الإمام الهادي ( عليه السلام )