• عدد المراجعات :
  • 2149
  • 3/7/2012
  • تاريخ :

الحقوق والواجبات عند الامام علي عليه السلام

الإمام علي ( ع )

 

امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، رسم معالم جديدة لمفهوم الحقوق والواجبات، بداها بنفسه كحاكم اعلى للبلاد، ولذلك كانت مفاهيمه عملية بعيدا عن التنظير على الرغم من ان الكثيرين يعتبرونها بعيدة عن الواقع ولا يمكن الالتزام بها، فيما فهمها الغرب بشكل سليم فعمل بها ودعا الى العمل بها، كما فعلت الامم المتحدة في تقريرها السنوي للتنمية والصادر في العام 2001، عندما دعت البلاد النامية الى التعلم من عهد الامام عليه السلام الى مالك الاشتر عندما ولاه مصر، كمنهج حقيقي وعملي يساعد في تحقيق التنمية وعلى مختلف الاصعدة السياسية والتعليمية والصحية والادارية وغيرها، الا ان الهزيمة الذاتية والعقلية الطائفية التي يعيشها (العرب والمسلمون) بشكل عام هي التي تحول بينهم وبين الاخذ بنهج الامام عليه السلام من اجل الانعتاق من حالة التخلف التي يعيشونها، والسعي من اجل تحقيق التنمية التي يتطلع اليها كل عاقل.

انه كان يبذل كل ما في وسعه لايضاح حقوق الناس وواجباتهم، كما انه كان يوضح حقوق الحاكم وواجباته، فلم يشا الامام عليه السلام ان يغش الناس او يضللهم، فيتحدث عن حقوق الحاكم وواجبات الرعية، ابدا، وانما كان يتحدث بعدل لئلا يغفل امرئ عن حقوقه، او يغفل آخر عن واجبات الحاكم، فيظن ان له الفضل عليه اذا ما التزم بواجباته، ظنا منه بانها حقوقه ان شاء التزم بها وان شاء غض الطرف عنها، ابدا، ولذلك فان اول ما بادر اليه الامام عند توليه الخلافة وقف خطيبا ليرسم معالم الحقوق والواجبات لكلا الطرفين الحاكم والمحكوم، فقال:

ايها الناس، ان لي عليكم حقا، ولكم علي حق، فاما حقكم علي فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم عليكم، وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتاديبكم كيما تعلموا، واما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة، والنصيحة في المشهد والمغيب، والاجابة حين ادعوكم، والطاعة حين آمركم.

انه يحدد اولا حقوق الرعية ثم يعرج بعدها على حقوق الراعي، لان الحاكم الذي لا يضمن حقوق الناس ليس له اي حق، فحقوقه على الرعية تتجلى بعد ان يضمن لهم حقوقهم، اي بعد ان يلتزم بواجباته.

بل انه عليه السلام ثبت حقيقة في غاية الاهمية، وهي، ان الحقوق متساوية بين الراعي والرعية، فقال {ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم} وهذه المعادلة تحقق العدالة بلا طغيان او تجبر او تذلل.

لذلك نراه كذلك عندما عين الاشتر واليا على مصر كتب اليه يقول في صدر عهده له محددا واجباته ازاء الرعية اولا {جباية خراجها، وجهاد عدوها، واستصلاح اهلها، وعمارة بلادها} فتحقيق الامن والرفاهية الاقتصادية للناس كافة بلا تمييز، واعمار البلاد، واجبات على الحاكم تحقيقها قبل ان يطالب الناس بواجباتهم، فحقوقهم قبل واجباتهم.

وبقراءة متانية في نهج الامام عليه السلام، سنلحظ بانه يعتبر ان الحقوق هي حجر الزاوية في تحقيق التنمية، وهو قسمها الى عدة اقسام، منها:

اولا؛ الحقوق السياسية.

ثانيا؛ الحقوق الاقتصادية.

ثالثا؛ الحقوق الاجتماعية.

وان القاسم المشترك بين هذه الحقوق ليس الدين او المذهب او الاثنية او الولاء للحاكم او العشيرة مثلا، ابدا، وانما هو (الانسانية) ولذلك سميت بحقوق الانسان، ولم تسم بحقوق العرب مثلا او المسلمين او المتدينين او اللادينيين، ابدا، وانما هي حقوق الانسان بما هو انسان بغض النظر عن جنسه ودينه وعرقه ومذهبه وولائه وزيه واصله وفصله.

ولذلك فهي ضد التمييز بكل اشكاله، كما انها للكل بلا تمييز، والى ذلك يشير امير المؤمنين عليه السلام بقوله {ان الناس عندنا في الحق اسوة}.

هذا اولا، وثانيا: فان الى جانب هذه الحقوق العامة والمشتركة بين الجميع كناس، هناك حقوق اضافية لكل انسان تعتمد المهنة مثلا او الجنس او العمر و الموقع والمسؤولية، فالطفل له حقوق اضافية كونه طفلا، والام كذلك والاب والزوجة والزوج والمعلم والطالب والحاكم والمحكوم والعامل ورب العمل وهكذا، وبعودة متانية للسفر العظيم الذي ورثناه من سيد الساجدين عليه السلام الامام علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص) والمسمى برسالة الحقوق، سنطلع على اكثر من خمسين حقا عاما وخاصا، وهي منظومة متكاملة ترسم الحدود بشكل دقيق وواضح في آن.

اما ثالثا: فان من اهم هذه الحقوق هي الحقوق السياسية، والتي وصفها الامام عليه السلام بقوله {واعظم ما افترض سبحانه من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية، وحق الرعية على الوالي، فريضة فرضها الله سبحانه لكل على كل} وهي الحدود التي ترسم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، والتي تشكل بمجموعها النظام الذي يحقق الالفة والانسجام في الدولة، فاذا التزم الجانبين بهذه الحقوق التزم المجتمع بكل الحقوق الاخرى، اما اذا سحق الحاكم حقوق رعيته ولم يراع حدود علاقاته مع الناس وتجاوز على حقوق المواطنين فميز بينهم وقدم بعضهم وأخر آخرون بهوى او ميل، لم يعد الناس يعيرون اهتماما ببقية الحقوق، فتفسد البلاد ويصيبها الخراب الاجتماعي.

رابعا واخيرا: ان ما هو واجب على الاخرين، هو حق من حقوقك، فمثلا، اذا كان من واجب الحاكم ايجاد فرص العمل في الدولة، فذلك يعني ان من حقك على الدولة ان تجد لك فرص عمل مناسبة، واذا كان من واجب الولد احترام الوالدين فان ذلك يعني ان الاحترام حق من حقوق الوالدين، ولذلك فان الحديث عن الواجبات من جانب، هو في حقيقة الامر حقوق من جانب آخر.


رؤية الإمام علي ( عليه السلام ) لحقوق الإنسان

الإمام علي(عليه السلام) بأقلام المعاصرين

الإمام علي(عليه السلام) . . . والرأي الآخر

الامام علي عليه السلام ومفاهيم التهذيب

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)