• عدد المراجعات :
  • 886
  • 12/28/2011
  • تاريخ :

كيف نكون مهاجرين مع الحسين(ع)؟

يغسل ملابس الزوّار وهو مرجع زمانه

من هنا تبرز أهمية الحدث التاريخي ، والموقف التاريخي ، بل حدث الحياة ومواقفها التي تتجلى فيها مفاهيم البطولة والفداء وأثرها في حياة الأمة .

إنّ أيّام الحسين(ع) تعيد إلى عيوننا براءتها الأولى، وتكحّلها بالمجد وتمنعنا أن نعقد صلحاً مع الواقع المزيّف، لتظلّ عيوننا وعيون أطفالنا المفتوحة من أثر المقاومة والإنتفاضة، شاهد صدق على وحشيّة عدوّنا ، وقسوة العالم من حولنا. ونسأل أنفسنا: كيف نواكب أيّام الحسين(ع) ؟ وكيف نكون مهاجرين مع الحسين(ع) ؟

والجواب المطروح هو أن لا نعيش الهزيمة النفسيّة أمام واقعنا، بل علينا أن نحمل روح التحرّر والفداء وروحية الإنعتاق. ونهاجر في أقطار الأرض من أجل السلام الذي سنبنيه بدمائنا وفكرنا ومدادنا وقدراتنا، لا سلام الاستسلام للأمر الواقع .إننا بحاجة الى هجرة من الإنهزامية أمام معاناة الرسالة ، والى استمداد الثقة من الله ، والشعور باللذة أمام الموقف الصعب .

إن الهزيمة الكبرى التي حلّت بنا كانت عندما انهزمنا نفسياً واستحوذ علينا الشعور بالشلل التام مما سمح لأظافر الصهيونيّة أن تنفذ في أجسادنا . وذلك لأن أخطر ما تُمنى به الأمم من هزائم، هو الهزائم النفسية، ولا يمكن لأي هزيمة عسكرية أن تصبح هزيمة حقيقية إلا عندما تتحول إلى هزيمة نفسيّة، والهزيمة النفسية في بدايتها شعور يدفع للإستسلام في مواجهة الواقع .. إنها إحساس بالمهادنة، بضرورة الصلح مع الواقع كيفما كان الواقع، بإيثار السلامة والدعة على مواقف التحدي والمواجهة .

من هنا تبرز أهمية الحدث التاريخي ، والموقف التاريخي ، بل حدث الحياة ومواقفها التي تتجلى فيها مفاهيم البطولة والفداء وأثرها في حياة الأمة .

ومن هنا تبرز أهمية الرمز الكربلائي في حياة أمتنا كأنقى الرموز القرآنية ، وأكثرها احتشاداً بصور البطولة والفداء ، وأشدها قدرة على الدفع والتحريك لإرادة التصدي في مواجهة الإنحراف .

وإن أعظم ما في هذا الحدث المتفوق في تاريخنا ، أن الهزيمة العسكرية فيه لم تمنعه أن يتحول الى أروع الإنتصارات في تاريخ الإنسان ، وأكثرها قدرة على الخلود والتجدد ، وذلك أن الهزيمة العسكرية فيه لم تتحول الى هزيمة نفسية ، لأن الطرف ( المنتصر ) أخفق في فرض الواقع الذي يريد ، والطرف ( المنهزم ) رفض الإستسلام لهذا الواقع ، ولم يأخذه اليأس في ظرف المواجهة ، بل تصدى وقارع وانتصر في النهاية .

وهنا تبرز قيمة المسلم الرسالي ، الذي يعيش بقلب حسيني يعمر بتوحيد الله ، وينبض بروح التصدي للباطل ، وبشجاعة المقارعة للظلم ، فلا ييأس ولا يستكين ، ولا ينكفئ على عذابات الضعفاء في العالم من حوله .

فإن أخطر ما تصاب به الأمة اليائسة هو عندما تبلغ ذروة الطغيان والفساد فيها الى ضياع الحقوق وهدر الكرامة ومصادرة الحرية وسحق المقدس بأقدام الرذيلة وتزوير الولاء بفعل التصالح بين الشهود والمجرمين ، فإن هذا التصالح الذي نجده اليوم متفشياً في واضحة النهار ، في عالمنا العربي والإسلامي ، سيعطي الطواغيت من ورثة يزيد الفرص الكثيرة والذرائع الواسعة لمزيد من اغتصاب الحقوق والمقدسات واستباحة الحرمات ، وسيغريهم بالمزيد من سفك الدماء البريئة .

إذن … فلابد في مواجهة ذلك من هزة شاملة ، تحرك هذه الأمة اليائسة ، وتبعث ضميرها الحي حتى لا يموت على أعتاب البصرة ومشارف بغداد ، وحتى لا يسحق تحت ضغط العهود والمواثيق الكاذبة ، ليعلن النفير العام ويصّعد الجهاد ضد الإستكبار والإحتلال وحكام الجور أيضاً كما هو درس الحسين في كربلاء .

إذن … فخليق بنا ونحن نعيش اليوم ذكرى الحسين(ع) ونخوض معركة المصير ضدّ أعداء الله والإنسان، أن يهاجر كل منّا إلى نفسه ويسألها: ماذا قدّمت لخوض هذه المعركة؟ وبماذا ضحّت في سبيلها ؟ .

ولقد آن للمسلمين أن يتّصلوا بالحسين(ع) اتصالاً عقائديّاً لا اتّصالاً عاطفيّاً فحسب، وذلك بأن يستعيدوا إلى أذهانهم ذكرى عاشوراء ليأخذوا من معطياتها الدروس والعِبَر وأن يأخذوا من هذه الأيّام الحسينيّة روحاً حسينيّة تقودهم في مواجهة التحديات وسائر ساحات معركة الشرف والإباء.

كما آن للمسلمين أن يدرسوا علاقاتهم مع الغرب، ليجدوا أنها صفحات مليئة بالإجحاف، ومملوءة بالحيف، مشبعة بالشجون .. إذ كانت وما زالت وستبقى ـ كما هي ـ علاقة استعلاء ودمار، وسخرية وإذلال واحتقار.

فالمسلمون دائماً مدعوون للإنسحاق تحت أقدام الأجانب، والمشكلة انهم استجابوا من خلال حكامهم، لذلك فهم اليوم مدعوون للإنعتاق … للنهوض واليقظة.لضرورة الإنتقال من واقع الإرهاب الفكري الذي فرضته عليهم العقلية الغربية ومفاهيم الإستشراق الى العقلية المتحررة التي تفكر من خلال محيطها وواقعها وروح فطرتها السليمة بعيدأ عن كل التأثيرلت المسبقة ،وهم مدعوون أيضاً للهجرة من روح النفاق في القيادة الى روحية القيادة التي أرادها الإسلام ، الى روح الصفاء القيادي الذي تمثله شخصية الحسين في إلتآم الشعار بالهدف ، وفي حس الإرتباط بالله عز وجل ، والدعوة مفتوحة لعموم العرب والمسلمين من قِبل الإسلام الحنيف.

ولقد حذّر الإمام الحسين (ع) تحذيراً شديداً متكرراً من مخاطر هذه الغفلة المتفشية ، علماً بأنه (ع) كان ضحية انسحاق الأمة في الماضي، حيث ضحّى ليوقظها، فصار بذلك أقدس قرابين نهضتها المستقبلية. وكان تحذير الإمام الشهيد من الانحدار نحو هاوية الذل والعبودية واضحاً. وإذا كان الغرب المستكبر لا يريد فهم لغة الرسول (ص) ولا فهم منطق الرسالة وأبجدية القرآن ،ولا يتمكن من تصور تاريخنا وثقافتنا ، فلماذا لا نريد نحن ـ كمسلمين ـ فهم ذلك ؟!

فالأمة التي تفقد ثقافتها وتنقطع عن جذورها التاريخية سوف تفقد حتماً حاضرها ومستقبلها وكل خصائصها الحضارية .. فهل نعلن حالة الطوارىء لإعادة الإعتبار لقيم الرسالة التي كانت ولا تزال إحدى الضمانات الأساسية لصوغ التاريخ ومجراه الصحيح ؟! ..


كيف ما قبلته كأخيه الحسن ؟

تسابق الحسنين

إحياء الموتى بدعائه عليه السلام

قيام رسول الله صلي الله عليه واله وسلم لسقايته عليه السلام

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)