• عدد المراجعات :
  • 611
  • 8/23/2011
  • تاريخ :

مراجعة للمساعي العلمية بعد انتصار الثورة (1)

ايران

ترابط العلم والحكومة يعتبر من الحقائق المشهودة في العالم المعاصر . لذا كلّما تضاعفت القدرات العلمية ، ازدادت بذلك قدرات الحكومة . من جهة أخرى فإن تبعية الحكومات بالمعنى غير الطبيعي والسلبي للكلمة ، يسفر عن تخلخل النمو العلمي ، وعدم اتباع الأساليب والأولويات بشكل يتناغم مع المتطلبات الحقيقية للبلاد حاضراً ومستقبلاً . مثل هذا الواقع كان ملحوظاً قبل انتصار الثورة الاسلامية . ومراجعة للأرقام والاحصاءات تشي بعدم وجود مشاريع تأسيسية مناسبة لاسهام فاعل في التنافسات العلمية العالمية . وطبعاً كانت تتخذ خطوات معينة في حقل التعليم والبحث العلمي ، بيد أن عنصر الارتهان لهيمنة الأجنبي كان يحول دون برمجة ملائمة للامكانات والقابليات . وعلى حد تعبير الدكتور أزغندي : إذا قارنا نسبة تكاليف التربية والتعليم في الميزانية العامة للدولة إلى الدخل القومي ، مع الكثير من البلدان النامية ، نستنتج عدم اهتمام بقطاع التربية والتعليم . فمثلاً حينما تكون النسبة المذكورة في الكثير من البلدان كالجزائر 8 / 7 بالمئة ، وفنزويلا 4 / 5 بالمئة ، وتركيا 3 / 5 بالمئة ، نراها في ايران لا تتجاوز 1 / 3 بالمئة [1] .

لهذا واجهنا كثرة الأميين في مطلع الثورة ، حيث كانوا يشكلون 75 بالمئة من سكان البلاد ، ولهذا تمّ انشاء نهضة محو الأمية في 7 / 10 / 1358 (28 / 12 / 1979) بمسؤولية الدكتور محمدجواد باهنر . وقد قال الامام الخميني في ندائه بهذه المناسبة : من جملة الاحتياجات الأوّلية لكل شعب مما يعد في مصاف الصحة والسكن ، بل وأهم منها ، هو التعليم للجميع ... والآن قوموا بلا اضاعة للوقت وبلا تشريفات متعبة ، لمكافحة الأمية بنحو حاسم وبتعبئة عامة . قوموا حتى يكون الجميع في المستقبل القريب قادرون على الكتابة والقراءة الأوّلية إن شاء الله ... [2] .

على أنّ النشاطات الثورية المنطلقة بروح الحماس والجد ، ابتدأت بكثير من المشكلات . فحالات عدم الاستقرار المتعددة الناجمة عن الثورة من ناحية ، ونشوب الحرب المفروضة من ناحية أخرى ، أدّت بالمشاريع العلمية إلى الركود ، بيد أنّ المساعي والجهود على شتّى مستويات التعليم والبحث العلمي لم تترك عموماً ، بل استمرت رغم إنّها لم تدور وتوجه بصورة مناسبة . يكتب الدكتور رضا منصوري في كتاب «ايران 1427» : إنّ التحولات الجامعية بعد الثورة الاسلامية لم تخضع لدراسة تحليلية ، فهي تحولات جد مؤثرة وسريعة وهائلة . والنقطة الجديرة بالتدبر هي إنّنا لا نلاحظ أي تفكير تحليلي وراء المحفزات السياسية والاجتماعية التي أفضت إلى هذه التحولات السريعة الهائلة [3] .

يذكر انّه نظراً لمواطن الضعف العديد التي تبدت في مستهل المطاف ووجود عقبات كأداء نظير الأمية والنمو السكاني وشبابية المجتمع ، فقد أنصبت معظم الجهود على التطوير الكمي للامكانات التعليمية «في 9 / 4 / 1362 (30 / 6 / 1983م) أعلنت منظمة الأمم المتحدة أن ايران أكثر بلدان العالم شبابية لأن معدل الأعمار عند سكانها 2 / 17 سنة» [4] .

وأخيراً ، تصاعدت وتيرة التطور الكمي في قطاع التعليم إلى درجة أثار معها بعض المؤاخذات والنقود التي أكدت أنّ التركيز المفرط على التطور الكمي ، أثّر سلباً عل كيفية التعليم والبحث العلمي . فمثلاً يعتبر الدكتور رضا منصوري فترة ما بين 1986 و 1996 فترة تضخم في التعاليم العالي ، وكتب يقول : في غضون عشرة أعوام ارتفع عدد الطلبة الجامعيين من نحو 250 ألف طالب إلى زهاء مليون و 200 ألف طالب ، أي قفز الرقم إلى خمسة أضعاف ... هذا التضخم الذي يسجل نسبة 400 بالمئة ، أو النمو بمعدل خمسة أضعاف لعدد الطلبة الجامعيين خلال عقد واحد من الزمن ، وكذلك التضخم في عدد الجامعات والمراحل والفروع الدراسية ، لا سيما مراحل الدراسات العليا ، ينبغي أن يقارن بالعدد الثابت تقريباً للهيئات العلمية ، وخصوصاً أصحاب شهادات الدكتوراه ، وكذلك بعدد الأبحاث والمقالات الابداعية للباحثين الايرانيين ، والدالة بطبيعة الحال على المستوى النوعي . إن مواصفات التعليم العالي في مطلع التضخم كان دون مستوى المواصفات العالمية ، وإذن يمكن التنبّؤ أن هذه المواصفات هبطت أيضاً في السنوات التالية [5] .

وقد تحقق نمو كمي سريع في حقل التعليم العام أيضاً . يذكر الدكتور إبراهيم رزاقي نقلاص عن حولية احصاءات البلاد ، عام 1994 : في الاحصاء العام للسكان في 1976 ، وفي 1986 واحصاءات السكان الجارية سنة 1991 لمن هم أكبر من ست سنوات ، تبين أن عدد المتعلمين على الترتيب 87 / 12 مليون مواطن ، و 91 / 23 مليون مواطن ، و 96 / 33 مليون مواطنة . وكانت نسبة المتعلمين إلى عدد السكان ممن هم أكبر من ست سنوات هي على الترتيب 47 / 47 ، و 78 / 61 ، و 06 / 74 بالمئة . وفي عام 1991 كان الرجال المتعلمون قياساً إلى كل رجال البلد الأكبر من ست سنوات يشكلون 6 / 80 بالمئة ، بيد أن هذه النسبة نسوياً كانت 67 بالمئة [6] .

الملاحظة الجديرة بالاهتمام في مضمار النمو التعليمي هي انخراط البنات بنسبة عالية في مراكز التعليم العالي . لقد قررت الثورة مكانة لائقة للمرأة ، وأدّت الحرب إلى أن تضاعف من مشاركتها الاجتماعية والعملية كعنصر فاعل مفيد . وعلى الرغم من أن هه الطموحات لم تتحقق بسهولة ، غير أنّ النتائج انتهت لصالح المرأة . ومن المهم أن نعلم أن هذه النسبة تجاوزت في العام الحالي الخمسين بالمئة ، حيث قال الدكتور محمدحسين بوركاظمي معاون مؤسسة الاختبار التعليمي في البلاد لوكالة ايسنا للأنباء : في امتحان دخول الجامعات لهذه السنة كان عدد الفتيات 142 ألفاً و 459 من بين المقبولين النهائيين ، بينما لم يتجاوز عدد البنين 87 ألفاً و 869 طالباً تمّ قبوله . وبهذا كانت نسبة البنات 8 / 61 بالمئة ونسبة البنين 1 / 38 بالمئة ... كما شكلت البنات 5 / 67 بالمئة من المقبولين عن فرع العلوم الانسانية بامتحان دخول الجامعات ، و 3 / 72 بالمئة من المقبولين عن فرع العلوم التجريبية ، و 6 / 72 بالمئة من المقبولين عن فرع اللغات ، و 9 / 68 بالمئة من المقبولين عن فرع الفنون الجميلة ، و 1 / 47 بالمئة من المقبولين عن فرع العلوم الرياضية [7] .

الهوامش:

[1] ـ د. علي رضا أزغندي ، تاريخ التحولات السياسية والاجتماعية في ايران ، ج1 (1941 ـ 1979) منشورات سمت ، ط1 ، 2000م ، ص31 .

[2] ـ مصطفى خرامان ، تاريخ الثورة للأطفال والأحداث (الكتاب الرابع) باشراف شورى الكتّاب ومجلس الانتاج ، نشر تاريخ وفرهنگ ، ط1 ، 1999 ، ص61 .

[3] ـ د. رضا منصوري ، ايران 1427 (العزيمة الوطنية للتنمية العلمية والثقافية) طرح نو ، ط1 ، 1998 ، ص142 .

[4] ـ مصطفى خرامان ، تاريخ الثورة للأطفال والأحداث ، باشراف شورى الكتّاب ومجلس الانتاج ، نشر تاريخ وفرهنگ ، ط1 ، 1999 ، ص62 .

[5] ـ د. رضا منصوري ، م س ، ص144 .

[6] ـ د. إبراهيم رزاقي ، التعرف على اقتصاد ايران ، منشورات ني ، 1997 ، ص216 .

[7] ـ صحيفة ياس نو ، الاثنين 24 / 6 / 1382 (15 / 9 / 2003م) .


التدين بعد الثورة الاسلامية (1)

مذكرات معاق- الحركة

بينوکيو و التماسيح البعثية

الجنون حتي القيامة

مذکرات الاحرار-نحن منافق

مذکرات الاحرار- القرد الكبير

مذکرات -الجسر

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)