• عدد المراجعات :
  • 555
  • 4/9/2011 11:00:00 PM
  • تاريخ :

المستبصررمضاني عمار

الورد

المستبصررمضاني عمار - رواندا - وهابي

ولد عام 1973م بمدينة " كيسيني " في رواندا، درس في مدارس أهل العامة في بلده حتى حصل على الثانوية، وانتقل بعد ذلك إلى المدرسة الوهابية في " كينيا ".

تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عام 1989م بمدينة " مومباسا " الكينية، بعد تردده على مؤسسة " بلال مسلم ".

 

إيقاظ النفس:

يقول الأخ رمضاني: " لم تكن حصيلة إطلاعي عن الشيعة إلاّ كأحد أبناء العامة، لأننا لا نقرأ تراث غيرنا من المذاهب وليس لنا احتكاك بهم لتتبلور في أذهاننا فكرة واضحة وصحيحة عنهم، فكل ما كنت أعرف عن الشيعة: أنّ لهم قرآناً غير قرآننا، وأنّهم يقولون بخيانة جبريل (عليه السلام) ، ويقرّون زواج المتعة و...

 

يقول الأخ رمضاني: " لم تكن حصيلة إطلاعي عن الشيعة إلاّ كأحد أبناء العامة، لأننا لا نقرأ تراث غيرنا من المذاهب وليس لنا احتكاك بهم لتتبلور في أذهاننا فكرة واضحة وصحيحة عنهم، فكل ما كنت أعرف عن الشيعة: أنّ لهم قرآناً غير قرآننا، وأنّهم يقولون بخيانة جبريل (عليه السلام) ، ويقرّون زواج المتعة و...

 

مناظرات مع الشيعة:

شاءت الأقدار الإلهية أن أسافر إلى " كينيا " فألتقي ببعض أعضاء المراكز والمؤسسات الإسلامية الخيرية والثقافية، ومن بين هذه المؤسسات التي زرتها مؤسسة شيعية اسمها " بلال مسلم "، فأغتنمت هذه الفرصة لأتعرّف على التشيّع.

ولقد جرت بيني وبين بعض الشيعة مناظرات عديدة، وقرأت مجموعة كتب لهم، فظهر لي أنّ أغلب أتباع هذه الطائفة لهم عمق علمي وثقافي مستمد من عقيدتهم، ووجدّتم ليسوا كما كان يصوّره لنا علماؤنا، فرأيتهم أصحاب استدلال ومنطق متين، مما دفعني ذلك لأن أتردد على هذه المؤسسة للإحاطة بمعارفهم التي نالت إعجابي ومطالعة كتبهم، فعكفت على قراءة ما وقع بيدي من مؤلفاتهم بإمعان، وكنت مع ذلك أراجع علماءنا ومشايخنا لأحصل على ردّ لمقولات الشيعية، ولكن مع الأسف لم أحصل منهم على أي إجابة سوى أنّهم كانوا يحذّرونني من الاحتكاك بالشيعة، فأدركت حينئذ عجزهم عن الإجابة.

 

الاختلاف الفقهي بين المذاهب الإسلامية:

ومن الأمور التي استوقفتني وجعلتني أتأمل وأراجع حساباتي، مسألة الاختلاف الفقهي الكبير والواضح بين المذاهب الأربعة، فوجدت آراءهم متضاربة وكلاً منهم يدّعي أن ما ذهب إليه هو مطابق لسنة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، بل وجدت أنّ مصادر استنباطهم تعدّت القرآن الكريم والسنة المطهرة، فخضعت للآراء والاستحسانات! كما خضعت لدعم الحكام وتبنّيهم لها! فمن هنا جنّدت نفسي للبحث حول هؤلاء الأئمة الذين هم مرجع أبناء العامة ".

والمتتبع للمسار التاريخي يجد بعد إتساع رقعة الفتوحات الإسلامية وبالتحديد في منتصف فترة الحكم الأموي أصبح النشاط العلمي واسع النطاق، فكثرت المذاهب ونمى عدد أتباعها، إلاّ أنّه لم يكتب البقاء لأكثرها! حيث اعتراها الانقراض بالرغم من كثرة أتباعها.

 

أسباب بقاء المذاهب الأربعة:

لو ألقينا نظرة سريعة على تاريخ نشوء وانتشار كل مذهب من هذه المذاهب الأربعة لاتضحت لنا الحقيقة بشكل واضح.

مذهب أهل البيت (عليهم السلام) :

في خضم هذه الأجواء كان مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ينشر ما عنده من علوم ومعارف حتى تمكّن أن يبقى قائماً بذاته، على الرغم من توجيه الحملات الظالمة له ولأتباعه الذين أصبحوا غرضاً للتهم، وكانوا في نظر السلطات خارجين عن الإسلام.

والواقع أنّ السبب الوحيد في بقائه وديمومته أستقائه التعاليم من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق العترة الطاهرة (عليهم السلام) ، الذين تحمّلوا ما تحمّلوا في سبيل إبقاء مدرسة آل محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) شاخصة ومستقلة عن تأثير السلطات.

 

خصومة المذاهب الأربعة في ما بينها:

يقول الأخ رمضاني: " عند مراجعتي لسيرة أتباع المذاهب الأربعة وسلوكهم فيما بينهم وجدت ما أثار دهشتي! فإنّي كنت أظنّهم على وفاق في ما بينهم ـ باعتبارهم يرتشفون من منبع واحد وهو سنة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وإذا بي أجد الخلاف الناشب بينهم على مدى العصور ينبيء عن واقع مؤلم وخطير، حتى بلغ الحال بهم إلى تكفير بعضهم البعض، كما حدثت صدامات عنيفة أهدرت الدماء وضيعت الأموال وهتكت الأعراض فيها!

فتجلّت لي الحقيقة بأنّ الذين كنت أظنهم على منهاج واحد، أعداء متخاصمين يعامل بعضهم البعض الآخر معاملة الخارج عن الدين ".

وقد سجّل التاريخ شتّى الصراعات والإختلافات بين أتباع المذاهب الأربعة، وأشار إلى المنعطفات الخطيرة التي وصلوا إليها نتيجة النزاع في ما بينهم، وخير شاهد على ذلك فتاوى بعض الأعلام تلك المذاهب:

 

1 ـ قال محمّد بن موسى الحنفي قاضي دمشق المتوفّي عام 506 هـ: " لو كان لي من الأمر شئ لأخذت على الشافعية الجزية!! "1)).

2 ـ قال أبو حامد الطوسي الشافعي المتوفّي عام 567 هـ: " لو كان لي أمر لوضعت على الحنابلة الجزية!! "(2).

والجزية إنّما تؤخذ على الكافر.

3 ـ قال الشيخ أبو حاتم بن جاموس الحنّبلي: " من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم "(3).

 

وقد أدّى التحيّز الذي وقع بينهم إلى تأصل روح العداء والخروج عن حدّ الاتزان، والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة، منها:

الفتنة التي ذهب تحت هياجها خلق كثير بين الحنفية والشافعية في نيسابور، إذ أدّت إلى إحراق الأسواق والمدارس، حتى كثر القتل في الشافعية، وبعدها انتصروا على الحنفية ـ فأسرفوا في أخذ الثأر منهم ـ وكان ذلك سنة 554 هـ.

ومثل هذه الفتنة وقعت بين الشافعية والحنابلة، حتى اضطرت السلطة عام 716 هـ إلى التدخل بقوة لحسم النزاع!.

وفي عام 567 هـ قتل الحنابلة الشيخ أبو منصور من علماء الشافعية، كما قتلت زوجته وأبنه الصغير بعد أنّ دسّوا لهم السمّ!(4).

ومن أراد الوقوف على مثل هذه الحوادث فليرجع إلى مضانها.

حجّية أصول التشريع عند المذاهب الأربعة:

يقول الأخ رمضاني: " هذه القضايا وأمور أخرى كالمصادر التشريعية التي اعتمد عليها الأئمة الأربعة بدل القرآن والسنة، جعلتني أقطع بعدم شرعيّة هذه المذاهب، لأنّي وجدت الاستحسان والقياس والمصالح المرسلة وقول الصحابي والرأي لا تتناسب بأي حال مع قوله تعالى: "وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" (النحل: 44)، بل وجدّت أنّ بعض علماء العامة أورد الأدلّة القاطعة على عدم حجّية جملة من هذه المصادر التشريعية الموضوعة من قبل هؤلاء ".

ومن العلماء الذين لايعتبرون قول الصحابي حجّة: الشوكاني، إذ يقول: " الحقّ أنّ قول الصحابي ليس بحجّة، فإنّ الله سبحانه وتعالى لم يبعث إلى هذه الأُمة إلاّ نبيّنا محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وليس لنا إلاّ رسول واحد، والصحابة ومن بعدهم مكلّفون على السواء بإتباع شرعه في الكتاب والسنة، فمن قال بأنّه تقوم الحجّة في دين الله بغيرهما، فقد قال في دين الله بما لا يثبت، وأثبت شرعاً لم يأمر الله به ".

والعجيب أنّ أحمد بن حنّبل الذي يعتبر قول الصحابي حجّة، يجعل الحجّية في هذا القول خاضعة لمزاج المكلّف!، فعن محمّد بن عبد الرحمن الصيرفي قال: " قلت لأحمد بن حنبل: إذا اختلف أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في مسألة، هل يجوز لنا أن ننظر في أقوالهم لنعلم مع من الصواب منهم فنتّبعه؟ فقال لي: لا يجوز النظر بين أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقلت: كيف الوجه في ذلك؟ قال: تقلّد أيّهم أحببت ".

والحقيقة أنّ التشريع من حق صاحب الرسالة(صلى الله عليه وآله وسلم) فقط، ومع ذلك لم يعمل(صلى الله عليه وآله وسلم) طيلة حياته الشريفة برأيه أو باستحسانه أو بقياسه، بل كان دائماً يتبع النصوص الإلهية، وقد أقرّ بهذا الأمر البخاري في صحيحه، حينما قال: " ماكان النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) يُسأل مما لم ينزل عليه الوحي فيقول: لا أدري أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحي، ولم يقل برأي ولا قياس لقوله تعالى: (بِما أَراكَ اللهُ) (النساء: 105) "(5).

ويقول الأخ رمضاني: " قد هزّني هذا الأمر من أعماقي، لأنّي وبقية البسطاء من العامة كنّا نتعبد وفق آراء الرجال!، وأيّ رجال!! رجال عفى على آرائهم الزمن ـ لأنّها لا تتماشى مع ما هو مستجد في عصرنا ـ فلا اجتهاد بعدهم، وكأنّ الأُمة عقمت وانعدمت قدرتها على إنجاب النوابغ والمجدّدين، وهكذا سدّوا علينا باب الاجتهاد وجعلونا نتخبط بما هو مستحدث ".

غلق أبواب الاجتهاد عند أبناء العامة:

إنّ غلق باب الاجتهاد وادعاء استحالته لأحد غير أئمة المذاهب الأربعة، أدّى إلى الجمود الفكري لدى أهل العامة، مما أثّر سلباً على اعتدالهم وتوازنهم في تقييم الآخرين!، حيث وصفهم أتباعهم بأوصاف غير معقولة! فادّعوا أنّ أبا حنيفة سراج الأمّة، وسيّد الأئمة، ومحيي السنّة، وأنّه إذا تكلم خيّل إليك أنّ ملكاً يلقنه، وما كلّم أحداً في باب من أبواب الفقه إلاّ ذلّ له، وإذا أشكلت مسألة على أعلم الناس سهلّها عليه!!، وتجد ذلك في الكتب التي تتحدث عن مناقبه، وغيره من الائمة(6).

والالتزام بهذه المذاهب ولزوم تقليد أئمتها وتحريم الاجتهاد على غيرهم، مجرد تحكّم وتطرف وتعصب لاغير!، فلو عقل أتباع هذه المذاهب حقيقة أئمتهم، ووعوا تصريحاتهم الدالّة بوضوح على عدم الالتزام بالرجوع إليهم وأخذ قولهم فقط، لما تفوهوا بهذا الكلام.

فها هو أبو حنيفة يقول: " هذا رأي النعمان بن ثابت ـ يعني نفسه ـ وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاء بأحسن منه فهو أولى بالصواب "(7).

وقيل لأبي حنيفة: " إذا قلت قولاً وكتاب الله يخالفه؟ قال: أتركوا قولي بكتاب الله، فقيل: إذا كان خبر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فقال: أتركوا قولي لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقيل: إذا كان قول الصحابة يخالفه؟ قال: أتركوا قولي لقول الصحابة"(8).

وهذا مالك بن أنس ينهى عن تقليده بهذا الشكل الأعمى، فقد روي عن مالك أنّه قال: " إنّما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ماوافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق فاتركوه "، وروي مثله عنه أحمد بن مروان المالكي(9).

كما أنّ الشافعي يلمح إلى عدم الالتزام بكل ما جاء عنه لخفاء جملة من العلوم عليه، فقد روي قوله عن أحمد بن حنبل أنّه قال: " أنتم أعلم بالأخبار الصحيحة منّا، فإذا كان خبر صحيح فأعلمني حتى أذهب إليه "(10)، وقال: " كل ما قلت لكم، لم تشهد عليه عقولكم وتقبله وتراه حقّاً، فلا تقبلوه، فإنّ العقل مضطر إلى قبول الحقّ "(11).

وأمّا أحمد بن حنبل فقد اشتهر عنه أنّه من المخالفين للتقليد، فكان يقول: "من قلّة فقه الرجل أن يقلّد دينه الرجال "(12).

الانتماء للمذهب الجعفري:

يقول الأخ رمضاني: " وبعد الوقوف على حياة كل إمام من أئمة المذاهب الأربعة وجدت أنّهم قد أخذوا بشكل أو بآخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) (13)، فقرّرت الإطلاع على حياته.

وبالفعل قرأت بعض كتب التراجم لأهل العامة، فوجدت ـ مع شديد الأسف ـ أنّ ترجمة هذه الشخصية ترجمة مختصرة أو مبتورة، بل أنّ البعض تجاوزه ولم يفرد له حقلاً أو عنواناً يذكر!.

وطلبت تراجمه في كتب بقية الفرق، فوقعت بيدي كتب الإمامية تتحدّث عنه وعن علومه وسلوكه و...، فوجدت أنّ هذه الشخصية المهيبة قد استمدت علومها عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّها ما حادت قيد شعرة عن الكتاب أو السنة، بل أكثر من ذلك وجدت أنّ فقه الإمام الصادق (عليه السلام) وعقائده ونهجه هو الأكمل والأشمل، بل الأنقى والأرقى، لكن عتم على هذه الشخصية كما عتموا على آبائه من قبل!.

ولهذا قرّرت ـ بحمد الله ـ ترك فقه الرجال والاغتراف من ينبوع الرسالة الصافي من أهل البيت (عليهم السلام) ، فوفقني الله تعالى للالتحاق بركبهم والسير في هديهم، فأعلنت عن استبصاري في مدينة " مومباسا " الكينية عام 1989م ".

----------------------------------------------------------

الهوامش:

1- أنظر: تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث 501): 148.

2- أنظر: تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث 567): 298.

3- أنظر: تذكرة الحفّاظ للذهبي: 3 / 1187، وأبو حامد هو محمّد بن محمّد بن أحمد الفقيه.

4- أنظر: تاريخ الإسلام للذهبي (حواديث 567): 597، الكامل في التاريخ لابن الأثير: 11 / 376.

5- أنظر: صحيح البخاري: 6 / 2666.

6- أنظر: كتب مناقب أبي حنيفة للذهبي والهيثمي والكردري وغيرهم.

7- أنظر: حجة الله البالغة لولي الله الدهلوي: 1 / 292.

8- أنظر: النصائح الكافية لابن عقيل: 38، مجموعة الرسائل المنبرية: 3 / 105.

9- أنظر: تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث 171): 327.

10- أنظر: البداية والنهاية لابن كثير: 10 / 236، مجموعة الرسائل المنبرية: 3 / 99، حجّة الله البالغة للدهلوي: 1 / 275، سير أعلام النبلاء للذهبي: 11 / 213.

11- أنظر: آداب الشافعي ومناقبه: 92.

12- أنظر: أعلام الموقعين لابن قيّم: 2 / 182، جلائل العينين للآلوسي: 199.

13- أنظر: حلية الأولياء لأبي نعيم (ترجمة الإمام الصادق (عليه السلام) ): 3 / 325.


المستبصرمحمد كراووما لاغيسا

المستبصرخوشابا شمعون حنا الشيخ

المستبصرة تانيا بولينغ

المستبصرنرسيسو اتونيو

 

 

 

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)