• عدد المراجعات :
  • 5326
  • 3/11/2007
  • تاريخ :

الفحوصات الدورية.. طوق نجاة للمرأة والرجل

* د. عزت قباري محمد

الوقاية خير من العلاج بالتأكيد، خاصة عندما يكون العلاج موجهاً إلى أمراض خطيرة تعيي الأطباء وتنهك المرضى وتستنزف مجتمعاتهم. ولعل الاستكشاف المبكّر لهذه الأمراض، هو شكل من أشكال الوقاية.

للإجراءات الوقائية دور مهم في الاكتشاف المبكر لأمراض عدة مثل مرض البول السكري، ارتفاع ضغط الدم الشرياني، سرطان القولون، سرطان البروستاتا، سرطان الثدي، سرطان عنق الرحم، وهي أمراض كما نرى لها أسماء تثير رعب الكثيرين منّا ممّن لا يعلمون أن اكتشافها في مراحلها المبكرة يمكن أن يساعد بمشيئة الله كثيراً في إنقاذ حياة الانسان وعودته إلى مضمار سباق الحياة معافى دون عناء يذكر. من هنا فإن المنظمات الصحية العالمية التي تعنى بهذه الأمراض وغيرها قد انتبهت لهذا الأمر وأولته عناية كبيرة، ووضعت عديداً من المعايير الاسترشادية للأطباء والمرضى لإجراء فحوصات استكشافية لتلك الأمراض، للحد من آثارها المستقبلية، وعبر السطور التالية سنحاول معاً الإبحار عبر هذه الفحوصات، لعلنا في نهاية المطاف نصل بمشيئة الله لبرّ الأمان.

- القياسات الجسدية:

تلعب القياسات الجسدية دوراً مهماً في توقع الإصابة بأمراض عدة، لعل من أشهرها مرض البول السكري ومرض ارتفاع ضغط الدم الشرياني، وهذه القياسات الجسدية هي أحد الفحوصات الاستكشافية غير المكلفة، التي يقوم بها طبيبك أثناء إجراء الفحص الدوري عليك، وتشمل قياس الطول والوزن، ومحيط الخصر وحساب معيار كتلة الجسم للتعرف على ما إذا كنت تعاني زيادة أو قلة في وزن جسمك، أو أنك تعاني السمنة أو السمنة المفرطة، والتي ترتبط كأحد المؤثرات المهمة بإمكانية إصابتك المستقبلية بأمراض عدة، فزيادة الوزن عن المعدلات الطبيعية هي أحد عوامل الخطر للإصابة المستقبلية بمرض البول السكري من النوع الثاني، وأحد عوامل الخطر للإصابة المستقبلية بارتفاع ضغط الدم الشرياني، إضافة إلى الإصابة المستقبلية بأمراض الشريان التاجي للقلب. وتنصح الرابطة الأمريكية لأمراض القلب بإجراء تلك القياسات على الأقل مرة كل عامين للأشخاص الطبيعيين، رجالاً ونساءً، وذلك بعد سن العشرين.

- قياس ضغط الدم الشرياني:

قياس ضغط الدم الشرياني هو الآخر أحد الفحوصات الاستكشافية البسيطة غير المكلفة، والتي يقوم بها طبيبك أثناء الكشف الدوري عليك لتحديد كل من الضغط الانقباضي والضغط الانبساطي داخل شرايين الجسم بهدف الاكتشاف المبكر للإصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني. ولتقريب الصورة للأذهان، فإن ضغط الدم يحدد بكمية الدم، التي يضخها القلب ومدى المقاومة، التي تبديها شرايين الجسم لسريان هذا الدم خلالها، وعلى ذلك فإن الشرايين الضيقة ستعيق سريان هذا الدم خلالها، وكلما زادت درجة هذا الضيق، فإن عضلة القلب سوف تبذل مجهوداً أكبر لدفع الدم عبر تلك الشرايين الضيقة. لهذا، فكلما زادت قدرة ارتفاع ضغط الدم الشرياني وزادت معه الغفلة عن اكتشافه وعلاجه، زاد خطر الإصابة بالأزمات القلبية والسكتة الدماغية وهبوط عضلة القلب والفشل الكلوي. لذلك فإن قياس ضغط الدم الشرياني على الأقل مرة كل عام بعد سن الثامنة عشرة للرجال والنساء هو أحد الفحوصات البسيطة غير المكلفة للوقاية من تلك الأمراض الخطيرة، وقد يطلب منك الطبيب بعد ذلك إجراء قياس لضغط الدم الشرياني على فترات أقل إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

- الفحوصات المعملية والإشعاعية:

الكولسترول هو أحد الدهون التي يتم حملها بالدم بواسطة البروتينات الدهنية والكولسترول يمكن تقسيمه إلى أجزاء عدة، لعل من أهمها وأشهرها الكولسترول منخفض الكثافة (ال.دي.ال) وهو الذي يرسب الكولسترول على جدران الشرايين، والكولسترول عالي الكثافة (اج.دي.ال) وهو الذي يحمل الكولسترول بعيداً عن جدران الشرايين لتصل إلى الكبد للتخلص منه، والمشكلة الرئيسية تحدث عندما يكون هناك ارتفاع في مستوى الكولسترول منخفض الكثافة، والتي يقابلها ترسب كميات كبيرة من الكولسترول داخل جدران الشرايين، أو عندما يكون هناك انخفاض في مستوى الكولسترول عالي الكثافة، بما يعني عدم القدرة على التخلص الجيد من الدهون، التي تم ترسيبها على وداخل جدران الشرايين بما يؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بتصلب الشرايين. كذلك فإن الارتفاع الشديد في الدهون الثلاثية، يمكن أن يؤدي إلى حدوث التهابات البنكرياس، لهذا فإن قياس مستوى الكولسترول والدهون الثلاثية يحمل أهمية كبيرة للوقاية من أمراض القلب والسكتات الدماغية والتهابات البنكرياس، وينصح باجراء تلك الفحوصات كل خمس سنوات للرجال البالغين بعد سن العشرين، وكذلك للسيدات بعد سن الخامسة والأربعين، وبطبيعة الحال، فإن طبيبك قد يطلب إليك إجراء تلك الفحوصات على فترات أقرب وفي سن أصغر من ذلك إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

- قياس مستوى السكر الصائم بالدم:

يعتبر قياس مستوى السكر بالدم بعد فترة صيام خلال الليل لمدة ثماني ساعات الوسيلة البسيطة لاختبار إصابة الشخص بمرض البول السكري الآن أو امكانية إصابته المستقبلية بالمرض بعد ذلك، وتنصح الرابطة الأمريكية لمرضى البول السكري بقياس مستوى السكر بالدم صائماً، وذلك كل ثلاث سنوات لمن هم فوق سن الخامسة والأربعين رجالاً ونساءً، بينما إذا كان هناك تاريخ مرضي بالعائلة للإصابة بمرض البول السكري، فيمكن إجراء هذا الاختبار عند سن أقل من ذلك بكثير وعلى فترات أقل، كذلك يجب إجراء هذا الاختبار إذا شعر أي شخص بأعراض مرض البول السكري، ومن أبرزها: الشعور الشديد بالعطش، ازدياد مرات التبول أو انخفاض في وزن الجسم دون وجود أسباب لذلك أو بطء في التئام الجروح.

- اختبار عد الدم كاملاً أو تفصيلياً (سي.بي.سي):

يوضح هذا الاختبار مستوى هيموجلوبين الدم، وهو المادة المسؤولة بالدم عن حمل الأوكسجين من الرئتين إلى خلايا الجسم المختلفة، كذلك يشتمل هذا الاختبار على قياس عدد وشكل كرات الدم الحمراء، وعدد ونوع كرات الدم البيضاء، اضافة إلى عدد الصفائح الدموية الموجودة بالدم، ومن خلال هذا الاختبار يمكن اكتشاف إصابة الانسان بأمراض عدة مثل الأنيميا وأمراض سرطان الدم، ويمكن اجراء هذا الاختبار سنوياً للرجال لمن هم فوق سن العشرين، وللسيدات فوق سن الخامسة عشرة.

- اختبار وظائف الكبد والكلى:

يعد هذا الاختبار إحدى الوسائل المهمة للاكتشاف المبكر لأمراض الكبد والكلى، ويتم خلالها قياس مستوى أنزيمات الكبد، ومستوى الصفراء بالدم للاطئمنان على سلامة الكبد، وكذلك قياس مستوى الكرياتينين للاطمئنان على سلامة الكلى، مع اجراء تحليل كامل للبول، وينصح باجراء تلك الاختبارات للرجال والسيدات كل ثلاث سنوات ما لم تستدع الحاجة إلى اجرائها على فترات أقل.

- تخطيط القلب الكهربائي:

خلال هذا الاختبار يتم تسجيل الكهربائية الصادرة عن القلب، وذلك بوضع أقطاب كهربائية حساسة لنقل تلك الكهربائية الصادرة عن الجسم من الصدر والساعدين والساقين، ليقوم جهاز تخطيط القلب الكهربائي باستقبال تلك الإشارات الكهربائية وتكبيرها، ورسم هذه الإشارات على ورقة يخرجها الجهاز، لتوضح للطبيب كيف تبدو نبضات القلب، وكيف يبدو القلب من حيث الوضع والحجم، وكذلك يمكن من خلال هذا التخطيط تشخيص قصور الشريان التاجي للقلب والجلطات القلبية، وينصح باجراء هذا التخطيط للرجال والنساء مرة كل خمس سنوات بين سن العشرين والأربعين، ومرة كل عامين بين الأربعين والخمسين، ومرة كل عام بعد سن الخمسين.

- تصوير الصدر بالأشعة السينية:

من خلال هذا التصوير، يتم الحصول على صورة للرئتين والقلب لمعرفة حجم القلب وحال الرئتين وينصح باجراء هذا التصوير كل خمس سنوات بعد سن الأربعين للرجال والسيدات والمانع الوحيد لاجراء هذا الفحص الاستكشافي هو وجود حمل إلا إذا رأى الطبيب غير ذلك.

- الاكتشاف المبكر لسرطان القولون:

في الولايات المتحدة الأمريكية يعد سرطان القولون ثاني أكبر أنواع السرطانات انتشاراً، وهو أحد السرطانات القاتلة، التي يمكن الوقاية منها واكتشافها وعلاجها مبكراً لتصل نسبة الشفاء لأكثر من 70% ترتفع إلى 90% إذا تم اكتشاف المرض في وقت مبكر ما لم يكن المريض يعاني فيه من وجود أعراض مرضية، ويعد اختبار الدم المختبئ بالبراز أحد الاختبارات المهمة في هذا المضمار، وهو يعتمد على اجراء اختبار كيميائي للبراز لاكتشاف الدم المختبئ به. وتوجد احتياطات يجب مراعاتها. عند التجهيز لاجراء مثل هذه الاختبار، سواء من ناحية طبيعة الأغذية التي نتناولها في الأيام التي تسبق اجراء هذا الاختبار أو استعمال الأدوية مثل الأسبرين والحديد أو حتى استعمال فرشاة الأسنان التي يمكن لها جميعاً أن تعطى نتائج خاطئة في حالة عدم مراعاتها وللاكتشاف المبكر لهذا المرض فإن الشخص العادي سواء كان رجلاً أو امرأة بعد سن الخمسين عليه أن يقوم باجراء اختبار الدم المختبئ بالبراز لسهولته كل عام مع اجراء منظار للمستقيم كل خمس سنوات أو اجراء أشعة بالباريوم على القولون كل خمس سنوات أو منظار على القولون كل عشر سنوات. أما الأشخاص المعرضون بشدة للإصابة بسرطان القولون فهم:

- الأشخاص الذين لهم تاريخ مرضي لسرطان القولون في العائلة والسن تزيد على الخمسين.

- الأشخاص الذين لهم تاريخ مرضي شخصي للإصابة بالتهابات وتقرحات القولون فهؤلاء يجب عليهم اجراء تلك الفحوصات على فترات أقل تحدد بواسطة الطبيب المعالج.

- فحص الأسنان:

يعد فحص الأسنان والتجويف الفمي واللسان أحد الفحوصات المهمة للاكتشاف المبكر للأمراض سواء التي تصيب الجسم ككل (نقص الفيتامينات) أو اكتشاف الأمراض التي تصيب الأسنان واللثة، وتنصح الرابطة الأمريكية للأسنان باجراء الفحص الدوري للأسنان للرجال والسيدات على الأقل مرة كل عام أو على فترات أقل إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

- فحص العينين:

يتم أثناء هذا الفحص قياس حدة الإبصار وفحص شبكية العين وفحص عدسة العين وقياس ضغط العين. ويعد فحص العينين أحد الفحوصات الدورية المهمة لاكتشاف الأمراض التي تصيب العين مثل المياه الزرقاء (ارتفاع ضغط العين) أو المياه البيضاء (عتامة عدسة العين) أو الاحتياج إلى عدسات أو نظارة لتحسين النظر، وتنصح الأكاديمية الأمريكية للعيون باجراء الفحص الدوري للعينين للرجال والسيدات كالتالي:

- مرة واحدة بين سن العشرين والتاسعة والثلاثين.

- كل عامين إلى أربعة أعوام بين سن الأربعين والرابعة والستين.

- كل عام أو عامين بعد سن الخامسة والستين.

وبطبيعة الحال فإن هذه المدد والفترات تختلف إذا كانت هناك أمراض تستدعي اجراء الفحص على فترات أقل.

- فحص السمع:

يتم أثناء هذا الفحص اختبار طريقة التحدث والتعرف على الأصوات ومستوى وحدة الأصوات للاكتشاف المبكر لفقدان السمع، وتنصح الرابطة الأمريكية للسمع واللغة والتخاطب بفحص السمع للرجال والسيدات على الأقل مرة كل عشر سنوات منذ الطفولة وحتى سن الخمسين، أما بعد سن الخمسين فينصح بفحص السمع كل ثلاث سنوات.

- فحص الجلد:

يقول الطبيب خلال هذا الفحص، بفحص الجلد من الرأس حتى أخمص القدمين للبحث عن تغير في شكل أو لون الجلد أو وجود زوائد جلدية تكبر في الجسم ويتغير شكلها من زيارة إلى أخرى، وتنصح الجمعية الأمريكية للسرطان باجراء فحص الجلد للرجال والسيدات كل ثلاث سنوات بين سن العشرين والأربعين وسنوياً بعد سن الأربعين.

- الفحص الاستكشافي لقياس هشاشة العظام:

يتم أثناء هذا الفحص تصوير منطقة أسفل الظهر ومنطقة مفصل الفخذ والرسغين أو الكعبين لقياس كثافة العظام بهدف الاكتشاف المبكر لمرض وهن العظام الذي يؤدي إلى كسور بالعمود الفقري والفخذين. وينصح باجراء قياس كثافة العظام بعد سن الخامسة والخمسين كاجراء وقائي لجميع السيدات.

وفي النهاية، لعلنا نكون عبر هذا الإبحار قد استطعنا أن نبلغ رسالة مهمة، وهي أن الوقاية خير من العلاج، وأن أسماء كثير من الأمراض لا تهم، ما دمنا اتبعنا تجاهها سياسة المبادرة والمباغتة.

* طبيب من مصر

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)