• عدد المراجعات :
  • 1190
  • 1/2/2011
  • تاريخ :

استغلال القوى الطبيعية

الورد

وبعد أن أوردنا بعض الأحاديث حول الحث على الجهد البشري والانتفاع منه في شتى المجالات، لنسرد بعض النصوص الواردة بشأن استغلال القوى الطبيعية والاستفادة منها:

1- في الحديث: "إن قامت الساعة، وفي يد أحدكم الفسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم الساعة حتى يغرسها فليغرسها"1. فمن خلال هذا الحديث ندرك مدى اهتمام الاسلام بتشغيل القوى العاملة لاستغلال كنوز الأرض والاستفادة من خيراتها وعدم التماهل بشأنها، حتى أنه ليحث الانسان على أن يبادر إلى غرس الفسيلة (أو أي جهد إنتاجي آخر) وإن علم بأن القيامة ستقوم بعد لحظات.

2- قال الامام علي عليه السلام: "نعم المال النخل، من باعها فلم يخلف مكانها فإن ثمنها بمنزلة رماد على رأس شاهقة اشتدت به الريح في يوم عاصف". ولا يخفى أن ذكر النخل ليس محصوراً فيه، وإنما عبر به الامام لأن النخيل أكثر انتشاراً من غيرها من الأشجار في الجزيرة العربية، فتراه ينهى عن بيع النخل من دون أن يكون قد زرع نخلاً في مكان آخر يستفيد منها في المستقبل.

3- وفي حديث عن النبي صلّى الله عليه وآله: "ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً، فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة، إلا كانت له به صدقة".

4ـ يقول الامام أمير المؤمنين عليه السلام: "من وجد ماءاً وتراباً ثم افتقر، أبعده الله"2.

فهنا نجده عليه السلام يندد بالذي يملك المواد الأولية للزراعة وهي الماء والتربة. وتتوفر له الظروف الصالحة فلا يستغلها ويبقى فقيراً، فإنه يستحق غضب الله ولعنته.

وهكذا نجد الاسلام يهتم بأمر العمل والانتاج وتشغيل دولاب الاقتصاد الوطني إلى درجة لا تسمح بالتكاسل والتواني حتى في أحرج الظروف وأتعس الأوقات. فنجد الامام الصادق عليه السلام يقول لهشام: "يا هشام إن رأيت الصفين قد التقيا، فلا تدع طلب الرزق في ذلك اليوم"3.

وبالرغم من هذا الحث الشديد وهذا الاهتمام البالغ بشأن الاقتصاد والتأكيد على العمل لتقويمه وتقويته في الاسلام، فإنه لا يعتبر الكل في الكل بالنسبة إلى تحقيق السعادة الانسانية، ولا يعطى أكثر مما يستحقه.

إن النشاط الاقتصادي وتشغيل القوى والجهود البشرية لاستغلال الذخائر الطبيعية ليس إلا فرعاً من فروع شجرة السعادة في الاسلام... نعم لابد لنا أن نعترف بأنه فرع مهم وحيوي في تلك الشجرة. إلا أن الذين يعتبرون الاقتصاد هو الأساس في السعادة، فإن اعتبارهم هذا يكشف عن عدم معرفتهم بحقيقة الانسان. ولذلك فهم ينزلونه بنظرتهم هذه عن مقامه الرفيع إلى مستوى آلة صماء أو حيوان فاقد الشعور.

محمد تقي فلسفي

----------------------------------------------------------

الهوامش:

1- مستدرك الوسائل للمحدث النوري ج 2-501.

2- بحار الأنوار للمجلسي ج 23-19.

3- وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ج 12-14.


جميلة انتظرتها بعد منتصف الليل

عِلمٌ وطهارةٌ وموقف

فَضائل العلم

خطورة التلوث الاخلاقي؟

على أعتاب الرحيل

أواصر المحبة

محاسبة النفس قبل الفراق

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)