• عدد المراجعات :
  • 1305
  • 1/2/2011
  • تاريخ :

حجر الأساس في السعادة

الورد

ولكي نثبت نظرة الاسلام الشاملة إلى الميول الفطرية عند الانسان ماديها ومعنويها في ما يخص السعادة البشرية نلفت أذهانكم إلى النقاط التالية:

 

الإيمان والأخلاق

إن الايمان بالله، وتزكية النفس وتطهيرها من الجرائم والآثام، والمواظبة على التحلي بالفضائل الانسانية تشكل حجر الأساس في بناء سعادة البشر، وتعد من المناهج المهمة التي يتخذها الاسلام في هذا المجال.

وقد وردت في ذلك مئات الآيات والأحاديث.

يقسم الله تعالى في سورة العصر. بأن جميع الناس من أي عنصر كانوا، وفي أي زمان عاشوا مبتلون بالخسران والبؤس، إلا الذين أحرزوا بعض الصفات، أولها الإيمان بالله:

?وَالْعَصْر * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا...?(العصر:1-3) وفي سورة الشمس يقسم بالشمس والقمر، والليل والنهار، والسماء والذي بناها، والأرض والذي بسطها، والنفس الانسانية والله الذي وازن بين عناصرها. وألهمها الخير والشر...

?"... قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا"?(الشمس:9-10).

قسماً بكل هذه الآيات الآلهية على أن السعادة والفلاح إنما يكونان لمن طهر نفسه من الآثام ونزه روحه عن الجرائم. وإن الشقاء والخيبة إنما تكونان لمن تلوث بالآثام والجرائم.

يقول الامام علي عليه السلام: "عنوان صحيفة المؤمن، حسن خلقه"1.

إن الآيات الكثيرة الواردة في القرآن حول السماء والأرض والأشجار والحيوانات، والنطفة والجنين... إلى غير ذلك من مختلف جوانب الوجود، كلها تهدف إلى أن يوجه الانسان نظره إلى الخالق الكبير فيشتد إيمانه بالله العظيم. وإن الآيات الواردة بشأن الملكات الفاضلة والمثل العليا أو التي تذكر الصفات الرذيلة وتفصل القول في ذمها، إنما نزلت لدعوة الناس إلى اكتساب الفضائل واجتناب الرذائل، ولذلك فان الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله يبين الواجب الذي بعث من أجله فيقول: "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"2.

إن كل مسلم يعلم جيداً اهتمام الاسلام البالغ بالروح والكمال والأخلاق، لكن من الواضح لكل مسلم أيضاً أن الروح والكمال والأخلاق ليست هي الكل في الكل بالنسبة إلى سعادة الانسان في الاسلام، ان الاسلام لا يحصر اتباعه في حلقة من المعنويات فقط، بل انه حين يدعوهم إلى تكميل الجانب الروحي يعني تمام العناية بالجانب المادي فيهم ولذائذهم الطبيعية. ولأجل أن نتبين موقف الاسلام الصريح في هذا الموضوع علينا أن نتحدث عن رأي القرآن والحديث في المبدأ الاقتصادي ومبدأ اللذة وهما المبدءان المتداولان في العالم المتمدن اليوم.

لا شك في أن النشاط الاقتصادي واستغلال الجهود البشرية للانتفاع من الذخائر الطبيعية، لهو من أقوم الارشادات الدينية. وقد وردت بهذا الصدد نصوص كثيرة. ان النبي صلّى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام يقدرون النشاط الاقتصادي كثيراً، وهو يبلغ درجة قد يبدو الحث عليه فيها غريباً. ولأجل معرفة قيمة الاقتصاد في الاسلام نورد هنا بعض النصوص:

 

الجهد البشري

1- قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: "طلب الحلال فريضة على كل مسلم ومسلمة "3.

فالسعي وراء المال الحلال لضمان المعيشة واستمرار الحياة واجب على كل فرد من المسلمين.

2- وقال أيضاً: "من أكل كد يده كان يوم القيامة في عداد الأنبياء، ويأخذ ثواب الأنبياء"4.

وفي هذا الحديث يقارن بين من يكد ليحصل على قوت يومه، والنبي الذي يكد لاحياء الناس.

3- وفي الحديث: "الكاد على عياله، كالمجاهد في سبيل الله"5.

فهذا يجاهد لدفع الضرر المادي عن المسلمين، وذاك يكافح لدفع الضرر المعنوي، ودفع الضررين كليهما مطلوب.

4- وسئل الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله: "أي كسب الرجل أطيب؟ فقال: عمل الرجل بيده"6.

5- كما ورد في الأسلوب الذي كان يعيشه الامام أمير المؤمنين عليه السلام: "كان لما يفرغ من الجهاد يتفرغ لتعليم الناس والقضاء بينهم، فإذا فرغ من ذلك اشتغل في حائط له يعمل فيه بيديه وهو مع ذلك ذاكر الله تعالى... "7.

6- عن عبد الله بن عباس: "كان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا نظر إلى الرجل فأعجبه، قال: هل له حرفة؟ فإن قالوا: لا، قال: سقط من عيني"8.

محمد تقي فلسفي

------------------------------------------------------

الهوامش:

1- سفينة البحار ص:410 مادة خلق.

2- المصدر نفسه.

3- بحار الأنوار للشيخ المجلسي ج 23-6.

4- المصدر السابق.

5- مستدرك الوسائل للمحدث النوري ج 2-424.

6- المصدر السابق ج 2-417.

7- المصدر السابق ج 2-417. والحائط: البستان.

8- بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج 23-6.


جميلة انتظرتها بعد منتصف الليل

عِلمٌ وطهارةٌ وموقف

فَضائل العلم

خطورة التلوث الاخلاقي؟

على أعتاب الرحيل

أواصر المحبة

محاسبة النفس قبل الفراق

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)